القائمة الرئيسية

الصفحات

أسرار ألعارفين أو صلاة ألعارفين

 أسرار ألعارفين أو صلاة ألعارفين


الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.


اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم، وأجرنا من جهل الغفلة وضلال الغرور، وأدخلنا في مقام الأنس للعارفين، ومقام القدس للعارفين، وأزل عن أعيننا حجاب الأنانية المظلمة والأنانية المشرقة، و افسح لنا المجال للوصول إلى مقام الصلاة الحقيقي. وافتح أبواب سرّ الغيب واكشف ستار الغيب عن ضمائرنا لنستقبل مناجاة الأولياء ونفوز بحلاوة ذكر ربّ الهدى. وصرف تعلُّق قلوبنا بالآخرين.


أقراء المزيد عن : سورة بدأت وانتهت بالتسبيح


تطبيق مبدأ مقامات الصلاة
علي القيم الإنسانية



اعلم أنه كما أن في الإنسان مراحل ودرجات، فكذلك في الإنسان مرحلتان: الدنيا ودار الشهادة، والآخرة ودار الغيب. إحداهما ظل الرحمن، والأخرى ظل الرحيم. وبناءً على هذا الاعتبار، فالإنسان في ظلّ الأسماء التي لها ظلال وتحت ظلّ الاسمين الإلهيين الرحمن والرحيم، كما يلخّصه الله تعالى في الآية التالية بسم الله الرحمن الرحيم.



بحسب العرفاء، ظهرت الكائنات باسم الإله الخيِّر. وهذان المقامان هما من مستودع الإرادة الخفية إلى ظهور الإرادة المطلقة عند مقبض الهيولى، أو مقبض الأرض السابعة (وهو عند العرفاء العرفاء حجاب الإنسان)، وهذا أحد قوسي الوجود. ومن مقبض مقبض تراكم الفيض إلى الغاية القصوى للإرادة المطلقة وتحرير الوجود، وهذا هو القوس الثاني للوجود في الإنسان الكامل.



وَالْإِنْسَانُ الْكَامِلُ رَاجِعٌ إِلَى هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ: أَعْنِي مَوْضِعَ الشَّهَادَةِ



وَالظَّاهِرُ: هُوَ مَظْهَرُ الرُّوحَانِيَّةِ دَائِرَةُ الْوُجُودِ الْكَامِلَةِ. أحدهما: حقيقة ليلة القدر وأسرارها، لأن شمس الحق في داخل الحجاب المعين، والثاني: حقيقة يوم القيامة، لأنها تبرز وتطلع من أفق الحجاب المعين، وهو الليل والنهار المقدس، وهو الليل والنهار المقدس. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: لِلْإِنْسَانِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: الْأُولَى: عَالَمُ الْمُلُوكِ وَالدُّنْيَا. وَالثَّانِيَةُ عَالَمُ الْبَرْزَخِ. والثالثة عالم العقل والعالم الآخر. وهذه المراتب الثلاث في الإنسان الكامل هي مرتبة تعيين المظاهر، والأخرى مرتبة الإرادة المطلقة، وهي برزخ البرزخ. فالمرتبة الأولى: هي مرتبة الباري عز وجل، والثالثة: هي مرتبة بسم الله الرحمن الرحيم، والآية الكريمة تفيد أن هذه المراتب الثلاث (بسم الله الرحمن الرحيم) وهو مقام البرزخ العظيم. وَأما الْمَشِيئَة فَهِيَ دُعَاء الرَّحْمَن الرَّحِيم.



  1. وبعبارة أخرى: له أربع مراتب: الملك، والملكوت، والعظمة، والألوهية.
  2. وبمعنى آخر: له خمس مراتب: الشهادة المطلقة، والملك المطلق، والملكوت المطلق، والمكان في الكون.
  3. وَهِيَ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: الملك والملكوت والجبروت واللاّهوت
  4. وبمعنى آخر، هناك خمس مراتب: الشهادة المطلقة  ومطلق الغيب. والشهادة الإضافية والغيب الإضافي ومقام الكون



عندما يصلي المرء ويتأمل في المعاني والمفاهيم العرفية للصلاة دون أن يكون له علم بوجود العقل ومراتبه وأسراره وكيفية الوصول إليه، أو يكون في سبيل الوصول إليه، دون أن يرفع موانعه ويحقق مطالبه، ولو بمقدار ما خلقه لنفسه. إلا أن عبادات الأولياء عليهم السلام ليست مبنية على أوهامنا، والمرتبة الأولى من عباداتهم وهي المرتبة المتعارفة عندهم هي عبادة الحرية، ولهم مراتب ومقامات أخرى في هذا السير المعنوي إلى الله تعالى، سيأتي ذكر بعضها سيأتي ذكر بعضها فيما بعد.



وبالجملة فالصلاة مراتب ومراتب في الصلاة، وصلاة المرتبة التي يصلي فيها الإنسان تختلف كثيراً عن صلاة المراتب الأخرى، كما أن مقام المصلي يختلف كثيراً عن سائر المقامات. وما دام الإنسان في صورة الإنسان وهو شخص صوري فإن صلاته صورية أيضًا. وصورة الصلاة وفائدتها وإن كانت فاقدة لصحتها الشرعية وشروط كونها مقبولة عند الله تعالى وغير مجزئة إلا أن ذلك مرتبط بكونها مجزئة بجزء التكوين الشرعي إذا أديت جميع أجزائها وشروط صحتها. فإذا تجاوز المصلّي من الظاهر إلى الباطن، من الصورة إلى المعنى، فالصلاة صلاة صحيحة بقدر ما يتحقق فيها معنى الصلاة وباطنها وسرّها. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ أَمْرٌ مُرَكَّبٌ.



وبعبارة أخرى: ما دامت الصلاة صورة من صور الصلاة ولم تبلغ مرتبتها وسرّها الباطني، فالإنسان الذي يصلي بها هو أيضاً صورة من صور الصلاة ولم يبلغ الحقيقة الإنسانية. والميزان في الكمالات الإنسانية والحقيقة هو الصعود إلى المعراج الحقيقي، إلى ذرى الكمالات والوصول إلى باب الله من خلال مدارج الصلاة. لذا، فإن المؤمن بالحق والحقيقة، السالك إلى الله بأقدام المعرفة، يعدّ نفسه لهذه الرحلة الروحية والمعراج الإيماني، ويتزوّد بالزاد والزاد والعون اللازم، ويزيل عن نفسه العوائق والعقبات التي تعترض طريقه، ليكون في حماية وحفظ من الشيطان وجنوده الذين هم قطاع طريق الوصول، والجنود الإلهية و لا بد من سلوك هذا الطريق مع الرفيق الموافق، وسنصف بعد ذلك الرفيق والصاحب، ونبين الجندي المقدس في أسرار العدان والإقامة.



وخلاصة القول في هذا الفصل أن الصلاة بل وسائر العبادات غير هذه الصورة أو القشرة أو المجاز لها باطن وباطن، وهذا معلوم بالعقل وشواهده كثيرة من النقل، وقد تقدم الكلام في هذا الفصل.



ومن ذلك الحديث المشهور (الصلاة معراج المؤمن)، ومن تأمل وتدبر هذا الحديث الشريف أمكنه أن يفتح له أكثر الأبواب التي كانت مسدودة ومحرومة، وكل الأوصاف السابقة مستمدة منه.

تعليقات